"بيت العمال": عمالة الأطفال تتوسع والبيانات غائبة منذ 2016

{title}
صوت الحق -
أكّد المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" أن مرور تسع سنوات على آخر مسح وطني شامل لعمالة الأطفال في الأردن، يشكل فراغًا مؤثرًا في قاعدة البيانات الوطنية، ويحد من قدرة المؤسسات على التخطيط وتقييم السياسات المتعلقة بعمل الأطفال.

وأشار المركز إلى أن المسح الأخير، الذي نُفذ عام 2016 بالتعاون بين دائرة الإحصاءات العامة ومنظمة العمل الدولية، رصد وجود نحو 75,982 طفلًا عاملًا، من بينهم أكثر من 44 ألف طفل يعملون في أعمال خطرة. وبيّن أن هذه الأرقام مثّلت تضاعفًا واضحًا مقارنة بالمسح السابق لعام 2007، الذي سجل نحو 33 ألف طفل عامل، ما يعكس تصاعدًا مقلقًا في الظاهرة خلال تسع سنوات، وسط ظروف اقتصادية ضاغطة.

ورغم مرور تسع سنوات إضافية على مسح 2016، لم يُجرَ أي مسح جديد حتى اليوم، ما اعتبره المركز ثغرة منهجية تمنع التقييم الحقيقي لمدى فاعلية الاستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال (2022–2030)، وتحول دون تطوير سياسات قائمة على بيانات حديثة.

وجدد "بيت العمال” دعوته إلى تنفيذ مسح وطني دوري كل ثلاث سنوات على الأقل، وفقًا للممارسات الدولية المعتمدة من قبل منظمة العمل الدولية واليونيسف، والتي تعتبر هذا التكرار ضروريًا لرصد تطورات الظاهرة والاستجابة لها بشكل فعال.

وانتقد المركز استمرار الاعتماد على التمويل الدولي لتنفيذ هذه المسوح، معتبرًا ذلك نقطة ضعف مؤسسية، داعيًا إلى إدراج مخصصات وطنية ثابتة ضمن الموازنة العامة تضمن استمرارية تنفيذ هذا النوع من الدراسات. ورأى أن المسح الوطني لا يجب أن يكون مرهونًا بالدعم الخارجي، بل هو التزام وطني لحماية الطفولة وحقوق الإنسان.

وأوضح المركز أن غياب البيانات الرسمية لا يجب أن يمنع التقدير التحليلي للظاهرة، مشيرًا إلى إمكانية استخدام النماذج التحليلية متعددة المتغيرات، التي تربط بين عمالة الأطفال ومؤشرات اجتماعية واقتصادية، وهي منهجية معتمدة في الدول التي لم تتمكن من إجراء مسوح حديثة.

وفي هذا السياق، قدّر "بيت العمال” عدد الأطفال العاملين في الأردن بعد جائحة كوفيد-19 بنحو 100 ألف طفل، بالاستناد إلى النموذج التحليلي، وبالنظر إلى ارتفاع معدلات الفقر (أكثر من 24%)، والبطالة (أكثر من 21%، و46% في صفوف الشباب)، وتضاعف معدلات التسرب المدرسي، إلى جانب اتساع حجم الاقتصاد غير المنظم إلى ما بين 55% و59% من العاملين.

ونوّه المركز إلى أن هذه التقديرات لا تُعد بديلًا عن المسح الوطني، لكنها أداة مؤقتة تسهم في فهم حجم الظاهرة لحين توفر بيانات شاملة.

وختم "بيت العمال" بالتأكيد على أن غياب المسح لا يعرقل التشخيص فحسب، بل يفرغ الاستراتيجية الوطنية من مضمونها، ويعطل أدوات المتابعة والتقييم. ودعا إلى اعتماد مسح عمالة الأطفال كعنصر ثابت في الموازنات العامة، يُنفذ بانتظام وبمنهجية تتيح قياس التغيرات القطاعية والجغرافية، وتوجيه الموارد نحو الوقاية والدعم بشكل أكثر كفاءة.
تصميم و تطوير : VERTEX WEB SOLUTIONS