رئيس كازاخستان يدعو إلى حوار عالمي للسلام

صوت الحق -
صدام المشاقبة - استانا - شهدت العاصمة الكازاخية أستانا انطلاق أعمال المؤتمر الثامن لزعماء الأديان العالمية والتقليدية، وسط أجواء طغت عليها مواقف قوية تجاه المأساة الإنسانية في قطاع غزة. فقد أكد المتحدثون أن ما يجري هناك من قتل وتجويع يمثل جرحاً مفتوحاً في الضمير العالمي، ودعوة ملحّة لإعادة الاعتبار لقيم العدالة والسلام.
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور محمد العيسى، وصف ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية وتجويع إجرامي منظم”، محمّلاً المجتمع الدولي مسؤولية عجزه عن وقف هذه الكارثة. وأكد أن الإنسانية ستظل تُحاكم بقدر صمتها أمام هذه المأساة، داعياً إلى تحرك عاجل لحماية الأبرياء وإيصال المساعدات دون قيود.
حيث استهل الرئيس توكاييف كلمته بالترحيب بالزعماء الروحيين والمشاركين، مشيرا إلى الدور الاستثنائي للمؤتمر كمنصة فريدة لمناقشة التحديات العالمية. وأشار إلى أن الوضع الراهن يتسم بتصاعد النزاعات وتدهور الأجندة العالمية، داعيا إلى تعلم الدروس من الماضي والسعي لحوار منفتح. وأكد أن المؤتمر يمثل أداة حيوية لتعزيز السلام والتعايش البناء، مع الإعلان عن خطة تطوير المؤتمر حتى عام 2033، التي تهدف إلى إرساء مبادئ أخلاقية عالمية.
وسلط الرئيس توكاييف الضوء على التاريخ الغني لكازاخستان كملتقى للثقافات والأديان، حيث تعايشت الديانات العالمية بسلام على أراضيها. وأوضح أن النموذج الكازاخستاني للتسامح العرقي والديني، المبني على مبدأ "الوحدة في التنوع"، يتجلى في أنشطة جمعية شعب كازاخستان وفي السياسة الخارجية السلمية للبلاد. وأشار إلى حماية المواقع الدينية مثل ضريح خوجة أحمد ياساوي ومسجد بيكيت آتا، مؤكدًا أن هذه المعالم تمثل رموزًا للسلام والتنوع الثقافي.
حذر الرئيس توكاييف من اتجاهات سلبية مثل تصاعد القومية المتطرفة وصراع الأيديولوجيات، داعيا إلى سياسة تقوم على التسامح والاحترام المتبادل. وأكد أن كازاخستان ستقمع أي محاولات لتقويض هذا النهج وفقًا لمبدأ "القانون والنظام". كما استعرض الإصلاحات السياسية والاقتصادية في البلاد، بما في ذلك الإصلاح الدستوري لعام 2022، ومبادرة إنشاء برلمان أحادي المجلس، وتحديث الاقتصاد عبر الذكاء الاصطناعي مع التركيز على المعايير الأخلاقية.
اقترح الرئيس مبادرات طموحة، مثل إنشاء "حركة السلام" تحت مظلة المؤتمر، ووثيقة مشتركة لدور القادة الدينيين في مكافحة تغير المناخ، ولجنة بين الأديان لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي. وأكد أن هذه المبادرات تهدف إلى تعزيز الوحدة الدولية ومواجهة التحديات البيئية والتكنولوجية.
وختم كلمته بدعوة للشباب لتبني قيم الاحترام والتسامح، قائلاً: * " فلنتحرك معا نحو تحقيق الأهداف الطيبة".
يبرز المؤتمر الثامن لزعماء الديانات العالمية والتقليدية كمنصة حيوية لتعزيز السلام والحوار في عالم مضطرب. ومن خلال رؤية الرئيس توكاييف تؤكد كازاخستان دورها كجسر بين الثقافات، داعية إلى وحدة عالمية تستند إلى القيم الإنسانية المشتركة.
المؤتمر، الذي تأسس منذ عام 2003 بمبادرة من الرئيس الكازاخي الأسبق نور سلطان نزارباييف، يُعقد هذه المرة تحت عنوان "حوار الأديان: تآزر من أجل المستقبل”، بمشاركة واسعة من قادة روحيين وممثلين عن منظمات دولية. ويهدف إلى تعزيز "الدبلوماسية الروحية” كقوة مساندة لحل الأزمات العالمية.
حقق المؤتمر الثامن لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في أستانا نجاحاً بارزاً من حيث الحضور والتنظيم، إذ شارك فيه أكثر من 100 وفد يمثلون نحو 60 دولة، تضمّ وفوداً دينية وسياسية وأكاديمية عالية المستوى.
هذا العدد الكبير من المشاركين وممثلي الأديان والمؤسسات الدولية يعكس مدى الأهمية التي يحظى بها المؤتمر في الساحة العالمية، ويؤكد أيضا قدرة كازاخستان على استضافة فعاليات دولية معقدة في تنظيمها وتنوّعها.