شامخ العجارمة يكتب : برلمانات شابة … خطوة نحو تجديد العمل البرلماني في يومه العالمي

{title}
صوت الحق -
شامخ حكم السمور العفيشات العجارمة

في اليوم الدولي للعمل البرلماني، الذي يوافق 30 يونيو من كل عام، والذي يمثل رمزية تاريخية لاستقلالية السلطة التشريعية وأهمية دورها الجوهري في تمثيل تطلعات الشعب وطموحاته، لا يزال الأداء البرلماني في العديد من الدول، بما فيها الأردن، يشوبه القصور والتحديات التي تستدعي الوقوف عليها ومعالجتها بشكل جدي ومستمر. هذا القصور لا يقتصر على جانب واحد، بل يمتد ليشمل جوانب متعددة مثل ضعف الرقابة، وقلة الخبرة التشريعية، ومحدودية التواصل مع المواطنين. على سبيل المثال، نجد أن بعض البرلمانات تعاني من ضعف في استخدام أدوات الرقابة البرلمانية مثل الاستجوابات والأسئلة الموجهة للحكومة، مما يقلل من قدرتها على محاسبة السلطة التنفيذية وكشف مواطن الخلل والفساد.

إذ يفتقر بعض أعضاء البرلمان، إلى الإلمام الكافي بمسؤولياتهم الدستورية والقانونية، وإدراك أهمية الدور المنوط بهم في سن التشريعات ومراقبة أداء الحكومة. هذا النقص في الإلمام قد يظهر في عدم القدرة على فهم التفاصيل الدقيقة للقوانين المقترحة أو في عدم القدرة على تقييم فعالية السياسات الحكومية بشكل موضوعي. ويظهر تقصير واضح في ممارسة الدورين التشريعي والرقابي، سواء من حيث جودة التشريعات المقترحة أو فعالية الرقابة على تنفيذ السياسات العامة. على سبيل المثال، قد يغيب عن بعض النواب فهم معمق للقضايا الاقتصادية أو الاجتماعية التي تتطلب حلولًا تشريعية مبتكرة، مثل قوانين الضرائب التي تؤثر بشكل مباشر على معيشة المواطنين، أو قوانين العمل التي تنظم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل وتضمن حقوق الطرفين، أو قوانين حماية البيئة التي تهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية ومكافحة التلوث. وفي هذا السياق، نتطلع إلى إحداث تحسين جوهري وملموس في أداء هذه السلطة المحورية، بحيث تتم صياغة التشريعات بدقة وعناية فائقة، مع الأخذ في الاعتبار آراء الخبراء والمختصين من مختلف القطاعات، وممارسة الرقابة على الوجه الأمثل، من خلال استخدام الأدوات البرلمانية المتاحة، مثل الاستجوابات واللجان التحقيقية، وتفعيل دور اللجان المتخصصة في دراسة القضايا المطروحة، بما يتناسب مع احتياجات المجتمع الأردني المتغيرة وتطلعاته المشروعة في تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وتعزيز سيادة القانون.

أما فيما يتعلق بدور الشباب الأردني، الذي أثبت جدارته وتميزه في مجالات الفكر والإبداع والريادة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، من خلال مشاريعهم الريادية ومبادراتهم المجتمعية وإسهاماتهم العلمية، فإن تمثيله في مواقع صنع القرار، سواء في الحكومة أو البرلمان أو المؤسسات العامة، لا يزال محدودًا للغاية وغير متناسب مع حجم هذه الشريحة الهامة من المجتمع، مما يعيق وصولهم إلى السلطة التنفيذية والتشريعية، وبالتالي عدم قدرتهم على تلبية احتياجات الشباب المتزايدة وتحقيق طموحاتهم المشروعة في الحصول على فرص عمل لائقة ومستقبل أفضل. على سبيل المثال، قد لا يتمكن الشباب من التأثير في السياسات التعليمية التي تحدد مساراتهم الأكاديمية والمهنية، أو سياسات التوظيف التي تؤثر على فرص حصولهم على وظائف مناسبة، بشكل فعال بسبب ضعف تمثيلهم في البرلمان.

 هذا الضعف في التمثيل يحد من قدرتهم على طرح قضاياهم واقتراح حلول مبتكرة للتحديات التي تواجههم. وبالنظر إلى ما يمتلكه الشباب من طاقات وقدرات فكرية وإبداعية هائلة تساهم بشكل فعال في تقدم الوطن وازدهاره وتطوره، فإنه يتعين على الدولة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني إزالة المعوقات البيروقراطية والقانونية التي تحول دون مشاركة الشباب في الحياة السياسية، وتوفير الدعم المالي والفني اللازم لتمكينهم، مثل توفير برامج تدريبية متخصصة في القيادة والسياسة العامة، ومنح دراسية وقروض ميسرة لتمويل مشاريعهم الريادية، ومنح الشباب الدور الذي يستحقونه كقادة المستقبل وصناع التغيير. 

وفي المقابل، يقع على عاتق الشباب أنفسهم مسؤولية كبيرة في دعم بعضهم البعض والعمل سويًا بروح الفريق الواحد لانتزاع حقوقهم المشروعة والمطالبة بتمثيل عادل ومنصف في جميع مواقع صنع القرار، من خلال المشاركة الفعالة في الانتخابات والترشح للمناصب العامة والمساهمة في الحوارات الوطنية حول القضايا الهامة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم ومطالبهم بشكل مسؤول وبناء.
تصميم و تطوير : VERTEX WEB SOLUTIONS