من قلب الأزمات يولد المجد... ومن إرادة الأردنيين يُكتب المستقبل
صوت الحق -
بقلم: النائب هدى نفاع
في كل مرة يتحدث فيها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى شعبه، يسمو الخطاب فوق السياسة اليومية إلى مستوى الرؤية الوطنية الكبرى، وها هو جلالته، في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين، يرسم بخطاب العرش السامي ملامح مرحلة جديدة من الصمود والعمل، ويؤكد أن هذا الوطن الذي وُلد في قلب الأزمات، لم يعرف يوماً الانكسار، بل ازداد قوة وصلابة بفضل إيمان الأردنيين ووحدتهم.
منذ تأسيس الدولة الأردنية، كان قدرها أن تواجه الصعاب بشجاعة، وأن تثبت في كل منعطف أن الأردني لا يلين. واليوم، يذكّرنا الملك بأن الأزمات تغيّرت، لكن الأردن بقي كما هو؛ ثابتاً، شامخاً، واقفاً على قدميه، لا تهزه الرياح، لأن في ظهره شعباً مؤمناً، وجيشاً عربياً مصطفوياً، ومؤسسات راسخة تشهد للعالم أن هذا البلد الصغير بحجمه كبير بعزيمته.
الملك يتحدث بلغة القلب إلى الأردنيين
في عبارة ستبقى محفورة في ذاكرة الأردنيين قال جلالته:
_"نعم، يقلق الملك، لكن لا يخاف إلا الله، ولا يهاب شيئاً وفي ظهره أردني.”_
كلمات تختصر علاقة استثنائية بين القيادة والشعب، علاقة تقوم على الثقة المتبادلة والمصير المشترك. إنها ليست لغة رسمية باردة، بل نبض قائد يعرف أن قوته الحقيقية تنبع من شعبه، وأن ما يجمع الأردنيين أقوى من كل التحديات.
التحديث طريق المستقبل
لم يكن الحديث عن التحديث في خطاب العرش تكراراً للمألوف، بل تأكيداً على أن الإصلاح الاقتصادي والسياسي والإداري هو خيار لا رجعة عنه.
فالملك وضع النقاط على الحروف: لا نملك رفاهية الوقت، ولا مجال للتراخي.
إنها رسالة حاسمة لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع معاً:
إما أن نتحرك بسرعة نحو الإنجاز، أو نفقد فرصة أن نكون في موقع المنافسة في عالم يتغير بسرعة مذهلة.
تحديث التعليم والصحة والنقل ليس ترفاً، بل هو استثمار في كرامة المواطن وجودة حياته. وجذب الاستثمارات الكبرى وتوفير فرص العمل ليس مجرد هدف اقتصادي، بل ركيزة لاستقرار وطني متين.
الأردن في الإقليم... صوت الحكمة والثبات
وسط العواصف التي تضرب المنطقة، يبقى الأردن ثابتاً على مواقفه المبدئية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
جلالة الملك أعاد التأكيد أن الأردن **سيبقى إلى جانب أهلنا في غزة والضفة، وأن الوصاية الهاشمية على المقدسات أمانة تاريخية ودينية لن يتخلى عنها.
هذا الموقف ليس شعاراً، بل امتداد لدور الأردن في حماية القدس من التهويد والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن أمن الأردن لا ينفصل عن أمن فلسطين، وأن العدل لا يتحقق إلا بزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني.
هوية لا تنكسر
الخطاب الملكي جاء تذكيراً بأن الأردن ليس مجرد دولة على خارطة المنطقة، بل رسالة تاريخية من العزيمة والإرادة.
كل حجر في هذا الوطن يحمل قصة جيل صمد، وبنى، وزرع، وعلّم.
والأردني، كما وصفه جلالته، "الذي فتح بابه فانتصر للضعيف، ولبّى نداء المستغيث”، هو تجسيد لقيم النخوة والكرامة التي لا تموت في وجداننا.
العرش والشعب.. وعدٌ لا يُكسر
في زمنٍ تتبدّل فيه التحالفات والمواقف، يبقى الثابت في الأردن هو العلاقة بين العرش الهاشمي والشعب الأردني
علاقة عنوانها الثقة والوفاء، وجوهرها الإيمان بأن خدمة الوطن واجب مقدس.
الأردن اليوم يقف على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة العمل والإنجاز، لا الانتظار.
وما دام في هذا الوطن ملك يؤمن بشعبه، وشعب يؤمن بملكه، فإن الراية ستبقى مرفوعة، وسيبقى الأردن كما كان دائماً: قوياً، عزيزاً، منيعاً... يصنع المجد في قلب الأزمات.
#هدى_نفاع






