مشروع وطني تقدمي ديمقراطي... على الطريق

صوت الحق -
بقلم: د. محمد العزة
في لحظة تتطلب العودة الجادة إلى ملفاتنا الداخلية وتحدياتها المتراكمة، يطفو سؤال متكرر على لسان المواطن الأردني، دافعه الحرص على وطنه، والسعي للاطمئنان على جدية الاستعداد لمسارات التحديث الثلاث التي أُقرت برؤية ملكية شاملة:
هل أنجزنا شيئًا ملموسًا؟
هل بدأت الوزارات المعنية فعلاً بوضع مخططات لمشاريع تنموية قادرة على استقطاب استثمارات تعزز من قدرتنا على الاعتماد على الذات، ولو بنسبة 50% مما نطمح إليه؟
نحن نعلم والمواطن بات يعرف أن كثيرًا من هذه المشاريع واقعية وقابلة للتنفيذ، لكن تبقى الإرادة والتخطيط والعمل المؤسسي الجاد هي الفارق القادر على إنشاء إقتصاد سياسي يولد من رحم الأزمات والفرص الممكنة.
يمتلك الأردن شبكة علاقات دبلوماسية واسعة، أثمرت عن مكانة مرموقة بفضل عقل الدولة السياسي في إدارة الملف الخارجي، القائم على الاعتدال، والسيادة، والمصالح المشتركة.
لكن يبقى السؤال:
هل نملك ذات القوة في إدارة ملفنا الداخلي؟
هل لدينا الإرادة لترسيخ الهوية الوطنية الأردنية وتحصين الجبهة الداخلية، من خلال إنجازات ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية؟
إننا بحاجة إلى مشاريع تواكب التطورات الإقليمية وتوظفها لصالح المصلحة الوطنية الأردنية، بدل الوقوف عند حدود رد الفعل فقط.
حين تشير الأرقام الرسمية إلى أن أكثر من 70% من النفقات تذهب للرواتب، وتتحدث تقارير رقابية عن هدر للمال العام، فهذا يعني أن هناك خللًا هيكليًا يتطلب إصلاحًا إداريًا عاجلًا، وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، لتحفيز التشغيل وتجويد الإدارة العامة.
من رحم المعاناة و الصعوبات … يولد الأمل: الملتقى الوطني التقدمي الديمقراطي
جاءت فكرة إطلاقه ، يجمع أبناء الوطن المؤمنين بفكر الديمقراطية الاجتماعية، لصياغة تيار وطني جامع، سياسي ثقافي فكري اجتماعي، داخل قالب أردني متزن، ملتزم بالثوابت الوطنية، منفتح على الجميع دون إقصاء.
هذا الملتقى سيكون:
مظلة وطنية جامعة، تضم الأحزاب، والقوى السياسية، والمستقلين.
منصة حوار مفتوح، للتفاعل مع مختلف الخلفيات الفكرية والمشارب الاجتماعية.
جسرًا نحو مشروع أردني ديمقراطي تقدمي تعددي، يقوم على المواطنة، و يقدس الإنجاز، و البرامجية الواقعية.
لم تعد تُجدي نفعًا الشعارات الشعبوية، و لا الاشتراكية العاطفية الرعوية ، أو الليبرالية القاسية المنفلتة دون ضوابط.
نحن بحاجة إلى عقل إداري جديد، و نخب سياسية جديدة، وخطاب يواجه الواقع بدل الاكتفاء بتسييره ، بعيدًا عن الخضوع للعوامل الجيوسياسية و تداعياتها فقط.
رسالتنا واضحة:
نريد عملاً لا خطابات.
نريد إخلاصًا لا استعراضات.
نريد حلولًا لا مبررات.
نريد من يتقدم، لا من يتفرج.
هذا لا يعني إنكار ما تم أحداثه من مواكبة لمظاهر الحداثة و المدنية و توطين لاستخدام ادوات عصر التكنولوجيا ، ثم الخوض في اختبار هندسة نماذج تحولات سياسية ديمقراطية دفعتنا نتائجها لنكون أكثر اصرار بالتمسك بهذا الوطن ، وأن لا نشجع الانفصال أو التبرأ و التنكر للاصول و القيم التي قامت عليها اساسات الدولة الأردنية ، و أن لا نترك الساحة لدعاة السلبية بل علينا أن نرفع الصوت عاليا ، رسالتنا هي :
نريد مزيدا من العمل ثم العمل ، مزيدا من الاخلاص و الخلاص من عقدة الشكليات ورواد الوصايات و خبراء الصوتيات .
نقول لهم :
نموت كي يحيا و نعيش مع الوطن .
يحيا لمن ؟
لمن يهتكه..ثم يقاضيه الثمن ؟!
لمن ؟
من بعدنا يبقى التراب و العفن نحن الوطن !
فإن لم يكن بنا كريمًا، عزيزا ، آمناً، مطمئنًا، حراً ، مستقرا
فلا عشنا... ولن يعيش بعدها وطن!